الأحد، 18 ديسمبر 2011

متابعه لما سبقه

1- الادينوزين ثلاثي الفوسفات ATP والادينوزين ثنائي الفوسفات ADP:


لا بد أن نبين قبل كل شيء أنه عند pH تساوي 7 وفي محلول مائي فإن ATP و ADP هي انيونات (شوارد سالبة) لأنها تحمل 4 و 3 شحنات سالبة على الترتيب. وذلك ناشيء من تأين البروتون الاوليين في مجموعتي الفوسفات الداخليتين (في ATP) والبروتون الأول في مجموعة الفوسفات الداخلية في ADP، بالإضافة إلى تأين كل من البروتون الأول والثاني في مجموعة الفوسفات الخارجية. والبروتون الأول في مجموعات الفوسفات الثلاث في ATP، والاثنتان في ADP, يبلغ ثابت تأينه pKa 2 إلى 3 وبذلك يتأين بنسبة 100%. أما البروتون الثاني في مجموعة الفوسفات الخارجية فيصل ثابت تأينه إلى 6.5 وبذلك يكون متأيناً بنسبة 75%، وفي ظروف الخلية الحلية حيث تقرب إلـ pH من 7 يكون كل من ATP و ADP على صورة الانيونات السابقة الذكر، ولكنها مرتبطة مع ايونات مغنيسيوم (الموجودة بكثرة في الخلية). 

ومن المفيد أن تقارن تحلل ATP مع تحلل المركبات الفوسفاتية الأخرى. فالتغير في الطاقة (rG') لهذا التفاعل يبلغ (-7300) كالوري للمول الواحد من ATP عند pH تساوي 7.

بينما يتحلل الجلوكوز – 6 – فوسفات (إلى جلوكوز وحمض الفوسفوريك) والتغير في الطاقة لذلك التفاعل يبلغ (-3300) كالوري للمول الواحد عند نفس درجة الـ pH السابقة. ومن الطبيعي أن نتساءل عن سبب هذا الفرق في الطاقة الناتجة من المركبين، مع أنه ينطلق جزيء واحد من حمض الفوسفوريك في كل حالة. ولدى التدقيق في الأنواع المتعددة من المركبات الغنية بالطاقة والتي تصادف في عمليات الاستقلاب الحيوية نجد أن هناك عدة عوامل تسبب ذلك ولكن قد لا تنطبق جميعها  على كل من تلك المركبات. ونستطيع القول بشكل عام أن الانخفاض الكبير في الطاقة الحرة الذي يحدث عند تحليل مركب غني بالطاقة مرده إلى أن النواتج أكثر ثباتاً واستقراراً من المواد المتفاعلة، ويساهم في ذلك العوامل الهامة التالية:

1-             التنافر الكهربائي بسبب الشحنات المتماثلة المتقاربة في المواد المتفاعلة.

2-             زيادة الاستقرار بسبب التأين.

3-             زيادة الاستقرار بسبب التماكب.

4-             زيادة الاستقرار بسبب الطنين (امكانية كتابة صور طنينية للنواتج أكثر منها للمتفاعل).




فبالنسبة للمركب الأول ATP يزيد عدد مجاميع الفوسفات عن الجلوكوز – 6- فوسفات بمقدار جزيء من البيروفوسفات. وهذا التركيب هو الذي يجب النظر إليه بامعان لأن الفرق بين ATP والجلوكوز – 6 – فوسفات يكمن فيه. ففي هذا التركيب يلاحظ أن الأوكسجين يحمل شحنة سالبة وذلك بسب كهربوسالبيته العالية (أي أن الزوج الالكتروني في الرابطة الزوجية بين الفوسفور والاوكسجين يميل إلى التوضع على O أكثر منه على P) ويتخلف بذلك شحنات موجبة على ذرات الفوسفور المتجاورة. وبالطبع فإنه يحدث تنافر بين الشحنات المتماثلة والمتقاربة على ذرات الفوسفور (شحنات موجبة) وكذلك على ذرات الاوكسيجين (شحنات سالبة). ولكي يتم التغلب على قوى التنافر الكهربائي هذه (العامل 1) لا بد من وجود طاقة معينة داخ الجزيء، وهي التي تنتج عندما يتحلل ذلك المركب إلى الدينوزين ثنائي الفوسفات وحمض الفوسفوريك.

ويبدو بوضوح أثر العامل الثاني (2) من حيث أن التأين في كلا المركبين الناتجين يساهم في استقرارهما بالنسبة للمركب الأصلي. أما العامل الثالث الذي يساهم في زيادة الطاقة الناتجة عن تحلل ATPأي كونه غنياً بالطاقةفهو أن المركبات الناتجة عن عملية التحلل اكثر ثباتاً (استقراراً) Stable من المركب الأصلي. وذلك ناتج من إمكانية كتابة عدد من المشابهات الطنينية Resonance forms للنواتج أكثر منها للمركب الأم. وكقاعدة عامة، كلما أمكن كتابة عدد أكبر من الصور الطنينية لمركب ما كلما كان ذلك المركب اكثر استقراراً وثباتاً. وكما قدمنا سابقاً فإنه عند pH قريبة من 7 يكون اثنان من ايونات الهيدروجين في حمض الفوسفوريك قد تأينا، الأول بشكل تام والثاني 7% لإنتاج الصورة -- HPO4 الممثلة أعلاه في ثلاثة مشابهات طنينية. ومن الواضح أن عدد المشابهات الطنينية في المركب ATP هو أقل منه للمركبين الناتجين ADP والفوسفات غير العضوية.

أما في الجلوكوز – 6 – فوسفات، فإنه لا يوجد شحنات كهربائية متماثلة على ذرات متجاورة إذن لا يوجد تنافركما في الحالة السابقةوبالتالي فهو لا يحتاج إلى طاقة للتغلب عليها في الجزيء، مما يقلل الطاقة الناتجة عن تحلله. كذلك فإن استرات الفوسفات تمثل حالة أكثر ثباتاًنسبياًمن البيروفوسفات، وبذلك ينتج عن التحلل المائي للجلوكوز –6– فوسفات طاقة أقل من ATP. (قارن أيضاً بين المركبات الناتجة عن التحلل في الحالتين، فمع أنه ينتج -- HPO4 في كلا الحالتين، إلا أن هناك فرقاً بين ADP والجلوكوز يؤثر على محتوى الطاقة في المركبين الأصليين).

كذلك فإن تحلل الادينوزين ثنائي الفوسفات إلى ادينوزين احادي الفوسفات، وحمض الفوسفوريك ينتج عنه طاقة عالية نسبياً, أي أنه عند pH تساوي 7 فإن تحلل ADP إلى AMP وجزيء حمض فوسفوريك ينتج عنه 6500 حريرة / مول وهي كمية عالية نسبياً، بالمقارنة مع الجلوكوز -6- فوسفات، كما ذكرنا قبل قليل.

أما تحلل جزيء حمض الفوسفوريك الثالث في AMP فإن من المتوقع أن ينتج عنه طاقة أقل نسبياً، نظراً لأنه يشبه الاسترات الفوسفاتية الاحادية (مثل الجلوكوز -6- فوسفات) ولا يحوي بيروفوسفات، وبالفعل فقد قيست rG' لتحلل AMP الى ادينوزين وحمض فوسفوريك فوجد أنها حوالي 2200 كالوري فقط.

وقبل إنهاء الحديث عن ATP لا بد أن نشير إلى أنه في العديد من التفاعلات الحيوية يتحلل إلى ADP وايون فوسفات، ولكن هناك تفاعلات أخرى يتحلل فيها ATP مباشرة إلى AMP ومجموعة بيروفوسفات. ويعرف هذا التحلل بانكسار البيروفوسفات بالمقارنة بانكسار الاورثوفوسفات في الحالة الأولى (عندما ينتج ADP). وقد يبدو أن الحكمة من مثل هذا التحلل هي انتاج كمية أكبر من الطاقة. ولكن النظام ADP-ATP أكثر حدوثاً في الطبيعة بسبب تشكل ADP وامكانية فسفرته من جديد في تفاعلات منتجة للطاقة.

والأنواع الأخرى من المركبات الغنية بالطاقة هي الآتية:




2- الاسيل فوسفات Acyl phosphate

وهي أملاح الفوسفات للأحماض العضوية. وأهم مثال معروف عليها هو الاسيتيل فوسفات Acetyl phosphate. أنه عند pH تساوي 7 فإن تحلل فوسفات الاسيتيل (إلى أيون فوسفات وأيون خلات) ينتج حوالي 10000 كالوري للمول الواحد. وهذه القيمة المرتفعة للطاقة الحرة الناتجة عن تحلل المركب تفسر في الصور الطنينية نلاحظ أن هناك صورتين طنينية يمكن كتابتها لفوسفات الاسيتيل وهي التي تساهم في استقرار ذلك المركب نسبياً. والسبب الآخر لكون فوسفات الاسيتيل غني بالطاقة هو أن نواتج تحلله أكثر استقراراً بسبب إمكانية كتابة عدد أكبر من الرموز الطنينية لكل منها. وقد سبق بيان الصور الطنينية لحمض الفوسفوريك (أو أيون الفوسفات عند الـ pH المتعادلة) وجميعها تساهم في عدم استقرار فوسفات الاسيتيل وبالتالي كونه غنياً بالطاقة.

وهناك مثال آخر على فوسفات الاسيل يمكن أن نذكره وذلك لأنه يتكون كمركب وسطي أثناء عملية هدم الكربوهيدرات. وهذا المركب هو حمض الجليسيريك – 1، 3- ثنائي الفوسفات الذي يتحلل في داخل الخلية الحية حيث الـ pH تساوي 7 تقريباً. ويبلغ النقص في الطاقة الحرة لتحلل هذا الحمض إلى حوالي 11800 كالوري للمول. يلاحظ أن عامل الاستقرار في المركبات الناتجة سببه وجود التنافر بين الشحنات المتماثلة والمتقاربةكما هي الحال في فوسفات الاسيتيلوكذلك كون المركبات الناتجة متأينة في ظروف الـ pH الخلوية (إذ أن مجموعة الكبروكسيل (pKa = 4.8) تكون متأينة تماماً، بالإضافة إلى البروتونين الناتجين من حمض الفوسفوريك)، وبالإضافة إلى هذين العاملين فهناك عامل الاستقرار الناتج عن الطنين.




3- الفوسفات الاينولية Enolic phosphate:

وكمثال على هذا النوع من المركبات الغنية بالطاقة يمكن استعمال حمض فوسفواينول بيروفيك الذي يتحلل إلى حمض البيروفيكوحمض الفوسفوريك (أو الايونات المناظرة حسب درجة حموضة الوسط) وينتج من عملية التحلل هذه كمية عالية من الطاقة تقدر بحوالي 14800 كالوري عند pH = 7. وحمض اينول بيروفيك وهو الصور الأقل ثباتاً يوجد مرتبطاً بحمض الفوسفوريك وعند التحلل يتحول ذلك الحامض إلى حمض البيروفيك الأكثر ثباتاً منتجاً كمية من الطاقة في هذه المرحلة (التحول من اينول إلى كيتون C=O وهو أحد أنواع التماكب ويسمى Tautomerism) تقدر بحوالي 8000 كالوري وهي التي تساهم في زيادة الطاقة الكلية الناتجة من تحلل هذه المركب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق