الأحد، 18 ديسمبر 2011

تغيرات الطاقة المرافقة للعمليات الحيوية BIOCHEMICAL ENERGETICS

1- المقدمة 

هناك العديد من الظواهر المشابهة التي تحدث في كل من نوعي الخلايا (Procaryotic وEucaryotic) التي المحنا إليها، وذلك فيما يتعلق بعمليات التمثيل الغذائي الحيوي والتي يطلق عليها مجتمعة التعبير "استقلاب" Metabolism. ويقصد بهذا التعبير محصلة التفاعلات الكيميائية التي تطرأ على مكونات الخلايا الحية. وتحدث في كل خلية حية عميات تحليل أو هدم (Catabolism) وبناء (Anabolism) في آن واحد، ويكون من نتيجة ذلك أن تستخدم الطاقة الناتجة من عمليات الهدم التي تطرأ على بعض المركبات في بناء مواد خلوية أخرى. وهكذا نشأ في الكيمياء الحيوية التعبير المسمى "دورة الطاقةEnergy Cycle " والذي يقصد به هدم بعض المركبات (التي تعتبر مصدراً للطاقة الكيميائية الكامنة) بواسطة تفاعلات انزيمية معينة لإنتاج عدة مركبات مختلفة غنية بالطاقة، تستعمل هذه الأخيرة بدورها في القيام بجميع الوظائف الفيزيولوجية المعروفة، بالإضافة إلى بناء مواد خلوية جديدة.




ومن بين المركبات الغنية بالطاقة والتي تلعب دوراً أساسياً في عمليات الهدم والبناء هو النظام الذي يرمز له (ADP-ATP). والثاني بين هذه المركبين وهو ADP (ادينوزين ثنائي الفوسفات) يستطيع قبول مجموعة فوسفات من مركب آخر غني بالطاقةيحدث انتاجه أثناء عمليات الاستقلاب المختلفةويتحول بذلك إلى ATP بدوره في تسيير العديد من تفاعلات البناء الحيوي Biosynthesis بالإضافة إلى أنه المصدر الرئيسي للطاقة لعمليات فيزيولوجية محددة كالحركة والإفراز وطرح الفضلات والنمو. وعندما يقوم بوظيفته هذه فإنه غالباً ما يتحول إلى ADP. ولتفهم تغيرات الطاقة المرافقة للعمليات الحيوية، لا بد من تعريف وفهم بعض التعابير الاساسية المستعملة في علم الديناميكا الحرارية (Thermodynamics)، وهو العلم الذي يبحث في تغيرات الطاقة المرافقة للعمليات الفيزيائية والكيميائية. لا بد من القاء نظرة سريعة ومختصرة على بعض الأمور التي تهمنا في هذه الدراسة.




2- مفهوم الطاقة الحرة Free Energy

من التعابير التي تهم علماء الكيمياء الحيوية فيما يتعلق بتغيرات الطاقة في العمليات الحيوية التعبير الذي يطلق عليه "الطاقة الحرة" ويرمز له بالرمز (G). ويمكن أن نتكلم أحياناً عن محتوى الطاقة الحرة في مادة ما مع أن تلك الكمية لا يمكن قياسها عملياً. ففي التفاعل التالي عندما تتحول المادة A إلى المادة B في تفاعل كيميائي يمكن تمثيله كما يلي:








B


1


A




2







نستطيع أن نتكلم هنا عن التغير في الطاقة الحرة الذي يرمز له عادة بالرمز (rG) عندما تتحول A إلى B أو بالعكس، فإذا كان محتوى الطاقة الحرة في المادة الناتجة (Ga) أقل منه في المادة المتفاعلة (GA)، فإن القيمة rG تكون سالبة، أي أن المادة المتفاعلة اغنى بالطاقة من المادة الناتجة، وبذلك تنطلق كمية معينة من الحرارة عندما يحدث التفاعل في الاتجاه (1) أي من اليسار إلى اليمين، ويمثل ذلك بالتالي:




G = GrB - GA

كمية سالبة =




عندما يكون:rG < GB





أن كون rG سالبة معناه أن التفاعل يحدث ويرافقه نقص في الطاقة الحرة. أما عندما تعود المادة B فتحول إلى A فإنه يحدث زيادة في الطاقة الحرة أي أن rG ستكون موجبة. وقد ثبت بالتجربة أن التفاعلات التي تحدث تلقائياً يرافقها نقص في الطاقة الحرة (rG -)، أما التفاعلات المعروفة بأن (rG) لها موجبة فإنها لا يمكن أن تتم إلا بإعطاء النظام المتفاعل الكمية اللازمة من الطاقة (على أية صورة من الصور) لتسيير التفاعل. وتسمى التفاعلات التي (rG) لها سالبة بناشرة للطاقة Exergonic والتفاعلات التي rG لها موجبة بماصة للطاقة Endergonic.

ويجب التأكيد هنا أنه لا علاقة لمعدل سرعة التفاعل Rate of Reaction بقيمة rG حتى ولو كانت تلك القيمة سالبة. فمثلاً يتأكسد الجلوكوز بواسطة الأوكسجين حسب المعادلة:




C6H12O6 + 6 CO2 6 O2 + 6 H2O – 686 KCal/mole         




وقيمة rG لهذا التفاعل (الناشر للطاقة) هي قيمة سالبة كبيرة تبلغ 686 كيلو كالوري/ المول الواحد من الجلوكوز. وهذه القيمة الكبيرة ليس لها أية علاقة بمعدل سير التفاعل. فعملية الأكسدة هذه قد تحدث خلال ثوان معدودة في المخبر إذا توفرت الظروف المناسبة للتفاعل وأهمها العامل اللمسي الضروري Catalyst. وتحدث العملية ذاتها في معظم الكائنات الحية بمعدل يتراوح بين بضع دقائق إلى بضع ساعات. وفي المقابل، فإنه يمكن حفظ الجلوكوز في زجاجة مناسبة على الرف لعدة سنين في وجود الهواء دون أن يطرأ عليه أي تغير يذكر (لا يتأكسد).

ويمكن حساب التغير في الطاقة بالرجوع إلى بعض القيم الثروموديناميكية للمادتين A و B التي تربطها المعادلة التالية:




 SrH – T rG = r

حيث rH تمثل التغير في المحتوى الحراري للنظام المتفاعل أثناء حدوث التفاعل تحت ضغط ثابت.

T درجة الحرارة المطلقة (مقياس كلفن Kelvin) التي يحدث عندها التفاعل.

rS التغير في الانتروبي Entropy أي درجة الفوضى أو التوزع العشوائي لجزيئات النظام المتفاعل.




ومن الصعب قياس القيمة المطلقة للمحتوى الحراري والانتروبي في المواد المتفاعلة والناتجة، لكنه من الممكن قياس التغير الذي يطرأ عليها أثناء تحول كل من المادتين إلى المادة الأخرى. إذ يمكن قياس rH بواسطة مسعر حراري Calorimeter (وهو جهاز بسيط يقيس الحرارة التي تنتج من تفاعل كيميائي ما تحت ضغط ثابت). أما كيفية قياس rS و T فإنها تقع خارج نطاق هذا الموضوع. ولكن يمكن أن نستنتج من المعادلة أنه كلما كانت rG سالبة أكثر كلما كان الجداء TrS موجباً أكثر وهذا ما يحدث في التفاعلات الناشرة للطاقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق